الأربعاء، 19 يونيو 2013

حوار مع الأستاذ موليم العروسي

الأستاذ موليم العروسي، أنت كاتب وروائي وباحث في الجماليات وأستاذ جامعي... ومن المؤسسين لمنتدى الفكر الحر.. لماذا تأسيس هذا المنتدى الآن؟ ما ضرورته في الظرف الراهن؟؟


كما جاء في الأرضية التأسيسية فإن المنتدى جاء للدفاع عن حرية الشخص المغربي الفرد في التعبير عن رأيه وعن حريته في السؤال والتساؤل حول كل الأمور التي لا يريد أن يؤمن بها فقط وإنما يريد أن يقتنع بها أولا، كما جاء للدفاع عن حق الفرد في الاختلاف. ولقد انطلقنا مما عايناه من محاولات التضييق على المفكرين والمبدعين وترهيبهم وذلك بتجييش عدد من الناس محدودي المعرفة والثقافة والركوب على جهلهم لتقديمهم تارة على أنهم الشعب المغربي وتارة أخرى على أنهم المجتمع. كما لاحظنا العزف على زوج الكفر والإيمان لتقديم كل من سولت له نفسه أن يتساءل ويستخدم عقله ليفهم بعض الظواهر على أنه كافر وجب التصدي له إما بالشتم والقذف وفي حالات قصوى بالدعوات للقتل. مبادرتنا إذن ترمي إلى الدفاع عن حرية الفكر والإبداع ولكن كل هذا لا يتأتى كما تعلم إلا إذا كان داخل نظام ديمقراطي يضمن حرية التفكير والمعتقد. نضالنا إذن لا يختلف عن مختلف المناضلين من الشعب المغربي من أجل القضاء على الاستبداد بالرأي سواء في المجال الفكري أو السياسي.

ماذا تقصدون بالفكر الحر الذي أطلقتم تسميته على هذا المنتدى؟ هل هو في تعارض مع فكر آخر؟

الفكر الحر هو ذلك الفكر الذي لا يتردد في وضع المعرفة المكتسبة أيا كانت على محك السؤال والنظر. أعطيك مثالا بسيطا وقد يكون من ميدان المعتقد. المؤمن يطرح السؤال وهو يعرف الجواب لا يمكنه أن يغامر بطرح سؤال وينتظر جوابا لا يعرفه لأنه حينها سوف يضحي بإيمانه. بمعنى آخر سوف يضع إيمانه أمام إمكانية الكفر. لكن ومن جهة أ خرى فإن المؤمن الذي لديه شك في قوة إيمانه هو الذي يرفض هذه المعادلة أي وضع الإيمان على محك السؤال. وفي الحقيقة هو غير مؤمن لأنه يوقع شبه معاهدة مع نفسه لكي يحميها وتحميه من الأسئلة المحرجة. لذا تجد المتزمتين من أهل الدين يرفضون المتصوفة لأن المتصوفة يغامرون بإيمانهم ويعرضونه للسؤال. من هنا ترى اقتراب الصوفية من الفكر المتحرر من الوصاية الإيمانية أتحدث هنا عن الصوفية الفردية صوفية المفكرين أمثال ابن عربي والنفري لا أقصد هنا المتصوفة الذين يجيشون العامة للدفاع عن مصالح محددة. الفكر الحر إذن يوجد على النقيض من الفكر المتزمت الذي يعيش تحت سلطة ووصاية التقليد الأعمى.

من خلال البيان التأسيسي الذي أصدرتموه،كيف يستطيع المنتدى أن يتجاوز النخبوية الثقافية في مجتمع شبه أمي؟

أريد أن أثير الانتباه إلى أن الشعب الأمي أحسن بكثير من الشعب نصف المتعلم. أفضل الفلاح الذي يرتبط بالأرض ويتعامل مع الفصول ويقاوم شراسة الطبيعة هذا الفلاح أقرب إلى الفكر العقلاني من ذلك الذي غادر المدرسة في منتصف أو في نهاية التعليم الابتدائي والذي انتقل إلى المدينة لبيع التين الهندي (الهندية) أو الأقراص المدمجة لدعاة القتل والدمار والذي وقع فريسة أفكار تخرب الذهن والبدن والذي أصبح يطلق العنان للسانه لكي يفتي في أمور الدنيا والدين. فبينما تجد الفلاح ينتبه الآن لنشرة الأحوال الجوية في الراديو والتلفزيون لينظم نفسه ويتعامل مع الطوارئ الجوية بنوع من العقلانية تجد النوع الثاني يفسر كل شيء بخرافات التوكل والخوارق.
إذن لو قدر لنا في يوم من الأيام أن نشرح العلمانية أو مشكلة فصل الدين عن السياسية فلا يجب أن نتيه في النظريات وإنما أن نركز على ما هو عملي. ونحن نشرح الحقوق: الفردية الطلاق، الإرث؛ أو المطالبة بحقوق الأرض أنظر إلى كل المشاكل التي طرحتها مسألة الأراضي السلالية وما جر ذلك من نقاش حول أحقية النساء بتملكها...هذه أمور يجب التركيز عليها عند مخاطبتنا للناس أي الانطلاق من مشاكلهم المباشرة.

كيف يستطيع المنتدى أن ينفلت من الاحتواء السياسي، ويحافظ على استقلاليته؟

بالانفتاح على كل التيارات السياسية التقدمية وأؤكد هنا على مفهوم التقدمية لأن الأمر يتعلق بفكر غير نكوصي أي أنه لا يرى مستقبله في ماضيه. أي أنه انخرط في مفهوم حداثي للتقدم بمعنى أننا نتقدم نحو مستقبل لا نعرفه بالضرورة ولكننا نفترض أنه الأحسن بحكم ما نراكمه يوميا من تجارب ومخترعات وأفكار عكس فكرة الزمن التي تستنسخ الدورة المغلقة للروح أي النزول من الملأ الأعلى السكون بالجبة المادية أي الجسد ثم العودة إلى الأصل. مفهوم الزمن هذا لا تهمه السعادة الأرضية لا تعتبر الحياة الأرضية بالنسبة إليه إلا امتحانا سوف يجازى عنه في الآخرة.
إذن المنتدى يختلف عن التحجر الفكري الديني و يختلف كذلك عن التحجر العقدي السياسي لأنه يؤسس للأسئلة التي قد تزعج السياسي المستبد. لابد إذن أن نؤسس داخله للانفتاح على الآخر، والانفتاح بدون هوادة على السؤال وهذا مالا يطيقه المستبد وعندها يصعب عليه احتواء المنتدى بمؤسسيه ومفكريه الأحرار.

في تقديركم، هل سيكون لهذا المنتدى أي تأثير ميداني على الساحة الثقافية والفنية بالمغرب؟

حتى ولو كان هذا سابق لأوانه فإنني أظن أنه بالإمكان ذلك. يجب فقط التفكير في بدائل فنية وثقافية وهي موجودة على الساحة. أنت تعرف أنه حدث طلاق كبير بين الفن والثقافة (التشكيل، المسرح، الموسيقى، الرواية، الشعر...)من جهة وبين الاهتمام بالوجود العميق في بعده المعيش واليومي بدعوى استقلال الإبداع. كما حدث تراجع كبير منذ ان توارى الفكر الماركسي من الجامعة ومن الفكر النقدي نهاية السبعينات وبداية الثمانيات. أصبحت الفلسفة مثلا تتجه إلى أن تكون علما دقيقا لا يهتم إلا بالمفاهيم مفاهيم لا تصلح لشيء غير أنها تدرس لأشخاص سوف يدرسونها بدورهم وابتعدت بذلك عن الاهتمام بالشأن العام. لم ينتج هذا عن طبيعة الفلسفة بما هي كذلك بل عن طبيعة المتفلسفين الذين شأنهم شأن باقي المثقفين والمبدعين رأوا في تصالحهم مع النظام مصلحة في أن يغيروا اتجاه اهتمامهم.
يبدو لي اليوم أن هناك تربة، وخصوصا بعد حراك سنة 2011 بالمغرب، صالحة لكي تعيد الفكر والثقافة والفلسفة إلى قلب الأسئلة الحية في المجتمع. ليس من الضروري أن تتحرك نفس الأسماء التي تآكل بعضها وبعضها الآخر ينتظر مبادرات جدية للعودة، بل هناك أصوات أخرى وطرائق إبداعية جديدة في التعبير الفني تحتاج لتتواجد داخل إطار يدافع عن حرية الفكر والإبداع: مسرح الشارع (مسرح المحكور)، الفن الحضري فيما يتعلق بالفنون التشكيلية، الراب، الصلام،الشعر؛ ثم هناك التفكير المصاحب لكل هذه التعابير...كل هذه التعابير يجب الاهتمام بها وانتزاعها من أيدي المهرجين ومساعدتها على شق طريقها نحو هموم المجتمع المستقبلية.
*أجرى الحوار : الأستاذ عبد الواحد الراشيدي عضو مؤسس لمنتدى الفكر الحر



هناك 3 تعليقات:

  1. نتمنى أن يحقق هذا المنتدى المطلوب لأننا في أمس الحاجة لفكر حر وحرية الإبداع وانعتاق من التقليد والتبعية أحيك الأستاذ موليم على هذا .

    ردحذف
  2. لا مناص من الترحيب بمثل هذه المبادرات النبيلة فنحن في امس الحاجة الي التنوير واحيي مليا الاستاذ مليم العروسي

    ردحذف
  3. بمعنى أصح هو دعوة إلى الإلحاد والزندقة والكفر برب العالمين

    ردحذف