أحمد
عصيد
زفّ إلينا السيد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خبرا سارا مفاده
أن السيد وزير الداخلية قد أخبره بأن "التحقيق" جار لمعرفة من المسئول
عن ضرب المتظاهرين أمام البرلمان ومعاملتهم بوحشية، والحقيقة أن على السيد الناطق
الرسمي أن يخبرنا قبل هذا بمصير التحقيقات السابقة التي مضى عليها شهور طويلة،
والتي لم يفض أي منها إلى أية نتيجة. ففي كل مرة تمنح السلطات الأمنية لنفسها الحق
في ضرب الناس وإهانتهم بدون مبرر واضح، وفي كل مرة يأتي من يقول إن التحقيق جار
لتحديد المسئوليات، ثم بعد ذلك لا شيء إلى أن يحدث عنف آخر.
تزايدت حالات التدخل
العنيف للسلطة بشكل ملحوظ، وشملت مختلف الشرائح والفئات المتظاهرة في الشارع، بل إنها
لم تستثن الصحفيين والإعلاميين أيضا الذين نالوا نصيبهم من الإهانة أكثر من مرة، ويظل
مصدر العنف دائما شبحيا في الدولة، حيث تصدر الأوامر لضرب المتظاهرين دون أن يُعرف
بالتحديد من المسئول عن ذلك، بل في معظم الأحيان لا يعرف وزير الداخلية نفسه ما يجري
بهذا الصدد، مما يعني أن شعار ربط المسئولية بالمحاسبة قد يكون بلا معنى في حالة عنف
السلطة الذي يتجاوز كل الحدود. كما أنّ من الملاحظ
انعدام التحقيقات الرامية إلى بيان ما يجري وتحديد المسؤوليات وإنصاف المتضرّرين،
إذ لا يمكن للدولة أن تمارس العنف وتتبرأ منه في خطابها، كما ليس مقبولا أن تعمد
الحكومة إلى تبرير العنف الصادر عن جهات أخرى في الدولة، لأنّ هذا يجعلها تنخرط في
نفس اللعبة القديمة، لعبة "المخزن" الذي لا يتغيّر.
يؤشر هذا الواقع
إلى وضعية ارتباك واضطراب كبيرين في سلوك السلطة، حيث يعني من الناحية العملية أن لا
شيء تغير من آليات السلطة المعتمدة، بينما تسعى السلطة إلى إقناع الناس، وإقناع نفسها
بأن التغيير قد حصل وانتهى الأمر، وعلى الناس أن يخلدوا إلى السكينة، ويسلموا قيادهم
للحكام الذين يسوسونهم بالحكمة والعدل، وهو للأسف منظور أبعد ما يكون عن الواقع.
تعتمد السلطوية
على القرارات الفوقية والشفوية غير القابلة للمحاسبة، وتبتعد عن المساطر المعتادة،
كما تعتمد الخرق السافر للقانون لأنها تتخذ خارج الحكومة والبرلمان، باعتبارها
الأسلوب الوحيد لمواجهة احتقان الواقع وتسوية مشكل الاحتجاج، الذي يصرّ على الاستمرار، والذي يرجع في الواقع
إلى انسداد الآفاق، وعدم الوفاء بالتعهدات، سواء منها تلك التي أخذتها الحكومة على
عاتقها، أو تلك التي تعدّ بمثابة شعارات عامة للدولة، بل وللمرحلة ككل.
لا شك أن
الاستقرار هو أساس التنمية والبناء الديمقراطي، لكن ثمة فرق بين الاستقرار الطبيعي
والاستقرار القسري، فالأول يقوم على الترسيخ الديمقراطي وعقلنة تسيير المؤسسات، ومحاربة الفساد واحترام
الحريات وفصل السلط، وهي آليات دولة القانون، بينما يقوم الثاني على عنف القبضة
الحديدية الذي يجعل منه استقرارا هشا وغير منتج.
ساقدم هنا لمحة شاملة عن العنف والحقوق **** بقلم أحباروش خالد *****
ردحذفمن العنف الرمزي الى الحقوق الرمزية للانسان
14 février 2013, 10:13
قرأت كثيرا عن العنف الرمزي في مقابل العنف المادي فاستحثني هذا الموضوع الرائع على المزيد من التفكير بشأنه..
إن العقل البشري منذ تطوره البيولوجي طور بموازاة ذلك كفاءة الترميز , الامرالذي اهله لاكتساب الملكة الرمزيه التي بدورها اهلته لممارسة التفكير المستقل عن الادراك الحسي و المباشر عبر جدلية التجريد والتعميم .... وليس من الغريب في شيء إذن , إن صار الانسان اليوم يتحدث عن العنف الرمزي كنيتيجة تابعة لما انبرى يمتلكه من ملكة الترميز . ( وهو العنف الذي لا تشاركه إيانا الحيوانات بحكم انعدام الملكة الرمزية لديها) كل هذا اتى كنتيجة متقدمة لتطور الدماغ الانساني حقا , فدماغ الهوموسابينز جد متطور بالمقارنة مع باقي الكائنات الاخرى , الشئ الذي مكننا فعليا من التطور الحضاري بما واكب ذلك من تطور نوعي في نمط العدوانية الطبيعية الاصلية ( وهي غريزية في الكائنات الحيوانية ) الى نمط العنف الحضاري الخاص بالانسان وحده نظرا لتطويره لوسائل العنف . .
والغريب في الامر انه بموازاة تطور العدوانية الطبيعة عند الانسان الى نمط العنف الحضاري أصبح هذا الانسان نفسه في في مرتبة فكرية عليا تؤهله لان يستكشف استكشافا نظريا منظومة العنف و كذلك منظومة الحقوق لديه . فما القصد من المنظومتين يا ترى ؟؟
1/استكشاف منظومة العنف
باختصار شديد أرى أنه ثمة صنفين من العنف الانساني ما انفكا يجتاحان المجتمعات البشرية قاطبة في كل زمان وفي كل مكان ,-- قديما وحديثا -- إنهما يتجليان دوما في النسيج السوسيولوجي بأسره إما تجليا ماديا حسيا او تجليا رمزيا مدركا .... اولا / هناك الصنف الذي يمكن تسميته بالعنف المادي المتجلي في مظهرين جوهريين وهما المظهر الذي يتوجه فيه العنف الممارس إلى جسم الشخص بالذات ( اي العنف الجسدي )ثم هناك المظهر الثاني الا وهو مظهر العنف الموجه الى الممتلكات ( اي العنف ضد الممتلكات العامة أو الخاصة)...ثانيا / هناك صنف آخر وهو ماصار يسمى حديثا بالعنف الرمزي إنه نوعين عموما .....1/ ثمة الذي يتوجه الى فكر الانسان من خلال اوالية التشريط الفكري الجماعي - وهو عنف ذو بعد اجتماعي/ ايديولوجي بالخصوص يتم عبر شرعنة الهيمنة من خلال إخفاء القوة اللازمة لذلك ( اي اللازمة لفرض الهيمنة بالقوة عبر الموسسات القمعية بالخصوص) والاستعاضة عنها بالمؤسسات السوسيو/ ثقافية للمجتمع وهي في الواقع تدبر من قبل الدولة الحاكمة اي بواسطة تلكم الطبقة التي تتحكم في دواليب الحياة الاجتماعية ككل إنها تفعل ذلك عبر تلك المؤسسات التي سماها لويس دوبري في مؤلفه القيم جدا -- المسمى مواقف --, بالمؤسسات الايديولوجية للدولة كالمدارس والجامعات والموسسات الدينية الرسمية وكل مؤسسات التنشئة ..الخ ... 2 /. وثمة العنف الذي يتوجه الى سيكولوجية الانسان( اي ذاك الذي يتوجه الى نفسه دون جسده او ممتلكاته)وهو ما يدعى عادة بالعنف اللفظي الحاضر بأشكال متنوعة في الحياة الخاصة او العامة للافراد كالسب والشتم والتحقير والسخرية والتندر والاذلال بواسطة استخدام الالفاظ المشينة في حق الافراد
2/منظومةالحقوق ا
تجدر الاشارة الىأن حقوق الانسان تطورت عبر مسار اجيال ثلاثة لامجال لمناقشتها في هذا الصدد ولكن اجمالا ثمة منظومة الحقوق السياسية والمدنية التي بزغت مع الثورة الفرنسية ثم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي ظهرت مع الثورة البولشيفية سنة -1917- واخيرا الحقوق البيئية والتنموية في الفترة الراهنة ... بيد أن مايهمني من كل هذا هو بلورة رؤية تنظيرية تشمل قسمين من الحقوق فقط ’ يتوزعان الاجيال الثلاثة المذكورة سالفا ألاو هما ا/ قسم حقوق الانسان المادية ب/ و قسم حقوق الانسان الرمزية
الحقوق المادية1
إنها تشمل كل ماهو مادي في حياة اامواطنين كالحق في التطبيب مثلا والحق في الشغل ( على اعتبار ان الشغل ليس امتيازا ) والحق في الزواج والحق في الحياة والحق في السكن اللائق والحق في التغذية والحق في البيئة السليمة غير الملوثة والحق في الماء الصالح للشربوالحق في التنمية المستدامة .......الخ...
2الحققوق الرمزية
وتشمل كل ما هو رمزي في حياة المواطنين ... كالحق في الاعتقاد (حرية التدين) والحق في اللغة ( خصوصا لغات الاقليات في المجتمعات المتعددة الثقافات) والحق في الرأي والحق في الانتماء الفكري او السياسي والحق في الكرامة الانسانية وهي مبدأ أساسي في كينونة الانسان (مثلا لايعقل ان يحط من كرامة المرأة عبر تعدد الزوجات)و الحق في النقد البناء (اي بشرط أن يكون موضوعيا و مؤسسا على ادلة واقعية أو علميا و قائما على البراهين وليس القذف المجاني الذي تشوبه الذاتية
ساقدم هنا لمحة شاملة عن العنف والحقوق **** بقلم أحباروش خالد *****
ردحذفمن العنف الرمزي الى الحقوق الرمزية للانسان
14 février 2013, 10:13
قرأت كثيرا عن العنف الرمزي في مقابل العنف المادي فاستحثني هذا الموضوع الرائع على المزيد من التفكير بشأنه..
إن العقل البشري منذ تطوره البيولوجي طور بموازاة ذلك كفاءة الترميز , الامرالذي اهله لاكتساب الملكة الرمزيه التي بدورها اهلته لممارسة التفكير المستقل عن الادراك الحسي و المباشر عبر جدلية التجريد والتعميم .... وليس من الغريب في شيء إذن , إن صار الانسان اليوم يتحدث عن العنف الرمزي كنيتيجة تابعة لما انبرى يمتلكه من ملكة الترميز . ( وهو العنف الذي لا تشاركه إيانا الحيوانات بحكم انعدام الملكة الرمزية لديها) كل هذا اتى كنتيجة متقدمة لتطور الدماغ الانساني حقا , فدماغ الهوموسابينز جد متطور بالمقارنة مع باقي الكائنات الاخرى , الشئ الذي مكننا فعليا من التطور الحضاري بما واكب ذلك من تطور نوعي في نمط العدوانية الطبيعية الاصلية ( وهي غريزية في الكائنات الحيوانية ) الى نمط العنف الحضاري الخاص بالانسان وحده نظرا لتطويره لوسائل العنف . .
والغريب في الامر انه بموازاة تطور العدوانية الطبيعة عند الانسان الى نمط العنف الحضاري أصبح هذا الانسان نفسه في في مرتبة فكرية عليا تؤهله لان يستكشف استكشافا نظريا منظومة العنف و كذلك منظومة الحقوق لديه . فما القصد من المنظومتين يا ترى ؟؟
1/استكشاف منظومة العنف
باختصار شديد أرى أنه ثمة صنفين من العنف الانساني ما انفكا يجتاحان المجتمعات البشرية قاطبة في كل زمان وفي كل مكان ,-- قديما وحديثا -- إنهما يتجليان دوما في النسيج السوسيولوجي بأسره إما تجليا ماديا حسيا او تجليا رمزيا مدركا .... اولا / هناك الصنف الذي يمكن تسميته بالعنف المادي المتجلي في مظهرين جوهريين وهما المظهر الذي يتوجه فيه العنف الممارس إلى جسم الشخص بالذات ( اي العنف الجسدي )ثم هناك المظهر الثاني الا وهو مظهر العنف الموجه الى الممتلكات ( اي العنف ضد الممتلكات العامة أو الخاصة)...ثانيا / هناك صنف آخر وهو ماصار يسمى حديثا بالعنف الرمزي إنه نوعين عموما .....1/ ثمة الذي يتوجه الى فكر الانسان من خلال اوالية التشريط الفكري الجماعي - وهو عنف ذو بعد اجتماعي/ ايديولوجي بالخصوص يتم عبر شرعنة الهيمنة من خلال إخفاء القوة اللازمة لذلك ( اي اللازمة لفرض الهيمنة بالقوة عبر الموسسات القمعية بالخصوص) والاستعاضة عنها بالمؤسسات السوسيو/ ثقافية للمجتمع وهي في الواقع تدبر من قبل الدولة الحاكمة اي بواسطة تلكم الطبقة التي تتحكم في دواليب الحياة الاجتماعية ككل إنها تفعل ذلك عبر تلك المؤسسات التي سماها لويس دوبري في مؤلفه القيم جدا -- المسمى مواقف --, بالمؤسسات الايديولوجية للدولة كالمدارس والجامعات والموسسات الدينية الرسمية وكل مؤسسات التنشئة ..الخ ... 2 /. وثمة العنف الذي يتوجه الى سيكولوجية الانسان( اي ذاك الذي يتوجه الى نفسه دون جسده او ممتلكاته)وهو ما يدعى عادة بالعنف اللفظي الحاضر بأشكال متنوعة في الحياة الخاصة او العامة للافراد كالسب والشتم والتحقير والسخرية والتندر والاذلال بواسطة استخدام الالفاظ المشينة في حق الافراد
2/منظومةالحقوق ا
تجدر الاشارة الىأن حقوق الانسان تطورت عبر مسار اجيال ثلاثة لامجال لمناقشتها في هذا الصدد ولكن اجمالا ثمة منظومة الحقوق السياسية والمدنية التي بزغت مع الثورة الفرنسية ثم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي ظهرت مع الثورة البولشيفية سنة -1917- واخيرا الحقوق البيئية والتنموية في الفترة الراهنة ... بيد أن مايهمني من كل هذا هو بلورة رؤية تنظيرية تشمل قسمين من الحقوق فقط ’ يتوزعان الاجيال الثلاثة المذكورة سالفا ألاو هما ا/ قسم حقوق الانسان المادية ب/ و قسم حقوق الانسان الرمزية
الحقوق المادية1
إنها تشمل كل ماهو مادي في حياة اامواطنين كالحق في التطبيب مثلا والحق في الشغل ( على اعتبار ان الشغل ليس امتيازا ) والحق في الزواج والحق في الحياة والحق في السكن اللائق والحق في التغذية والحق في البيئة السليمة غير الملوثة والحق في الماء الصالح للشربوالحق في التنمية المستدامة .......الخ...
2الحققوق الرمزية
وتشمل كل ما هو رمزي في حياة المواطنين ... كالحق في الاعتقاد (حرية التدين) والحق في اللغة ( خصوصا لغات الاقليات في المجتمعات المتعددة الثقافات) والحق في الرأي والحق في الانتماء الفكري او السياسي والحق في الكرامة الانسانية وهي مبدأ أساسي في كينونة الانسان (مثلا لايعقل ان يحط من كرامة المرأة عبر تعدد الزوجات)و الحق في النقد البناء (اي بشرط أن يكون موضوعيا و مؤسسا على ادلة واقعية أو علميا و قائما على البراهين وليس القذف المجاني الذي تشوبه الذاتية