الأحد، 14 يوليو 2013

"ديمقراطية" القوى الظلامية خطر على الديمقراطية

 *عبد الفتاح نعوم عضو منتدى الفكر الحر
اصبحت القوى الظلامية التي تؤسس مشروعها على ارضية الدين او العرق او هما معا تعطينا دروسا في الديمقراطية و الشرعية الانتخابوية !
 امر بدا واضحا للعيان في مصر بعد الانتفاضة الشعبية العارمة ضد نظام الاخوان في مصر، و لعل صراخهم من اجل "الانتصار لليمقراطية والشرعية" هو تعبير عن رؤيتهم المضببة و المشوشة للديمقراطية من جهة و كشاف ايضا عن طبيعة جهازهم المفاهيمي و عقمهم النظري الذي يتأولون عبره المسألة الديمقراطية.
رست مختلف مدارس الديمقراطية في الفلسفة البرجوازية في اوروبا القرن الثامن عشر و ما بعده على سمة اساسية و جوهرية للمفهوم نفسه على صعيد بنائه النظري اساسا، يتصل الامر بمسألة الاعلاء من قيم الانسان بما هو انسان حر يجب ان تقدس حريته و كينونته، و تأسيسا على هذا ترسخ مفهوم المواطنة ضمن تلك الادبيات بحيث اصبح يُنظر للانسان كانسان مواطن بصرف النظر عن معتقده و عرقه و ميولاته الفردية، و لدى وصولنا الى المستوى الاجرائي في الديمقراطية نتحدث عن الاليات التي يتم من خلالها انتقال السلطة وممارستها و تداولها في اطار احترام الاطار المشار اليه انفا، بكلمة واحدة لا يمكن تصور ديمقراطية خارج فصل بين الديني و الزمني على مستوى تدبير الشؤون العامة في المجتمع.
و بشكل معاكس تماما لهذه الاسس يطفق منظرو وشيوخ القوى الظلامية يتشدقون بقدرتهم على المساكنة بين اسلامهم الخاص! و الديمقراطية. فتستحيل الديمقراطية مجرد الية صندوقية عددية تسمح بمرورهم الى السلطة باستثمار الكذب و الدعاية المتاجرة بمبادئ الدين و توزيع الزيت و السكر !، و بمجرد الوصول الى المبتغى يشرعون في تدمير الديمقراطية اولا و بناء ايالتهم المجيدة المقدسة !و لان الظلامية الدينية و العرقية وجهان لعملة واحدة فلنشر الى ان هتلر وصل الى السلطة بالانتخابات و الديمقراطية العددية ليشرع في تدميرها فيما بعد.
و لعل تجربة الاخوان بمصر تظهر بجلاء كيف يستغلون الالية الانتخابية والدين معا و و كيف شرعوا بعد ذلك يضربون بعرض الحائط الميثاقية و مبدأ التعاقد بين الناخب و المنتخب و يهرعون الى الترويج لدولة اقصاء كل من ليس منهم، يفهمون من الية الانتخابات بدورها انها شيك على بياض يمنحه لهم المواطنون كي يكتبوا عليه المبلغ الذي يريدون و ليس لمن لف حبل المشنقة حول رقبته و منحهم صوته ان يعترض او يلغي تعاقده معهم ان اسيء استخدام صوته. و بهذا يمكن تفسير عويلهم و من والاهم عقب اسقاط حكمهم في مصر.
في حقيقة الامرفالظلاميون سواء منهم المفضوحون ( القاعدة و الوهابية) او المتسترون (الاخوان) هم يعادون الديمقراطية بوصفها لا تمت للاسلام بصلة! و لا يرونها انجازا حضاريا للانسانية عبر تاريخها الطويل، و الاخوان و من لف لفهم حينما يقبلون بالديمقراطية فهم يقبلونها على مضض لانه في مخيالهم الجمعي يعتقدون انها كفر و انتاج لدار الكفر، و من ناحية ثانية هم يشوهونها و يتعاملون معها بانتقائية كما اشرنا و تأسيسا بالتالي على موقفهم  الحقيقي منها. خلاصة القول ان الديمقراطية التي توصل الظلام الى السلطة هي اما ديمقراطية منقوصة و مشوهة او   -على حد تعبيرالمفكر سيد القمني- ديمقراطية منعدمة!.
تكييفهم للديمقراطية على النحو السالف الذكر يظهر ركونهم الى التعامل مع جزء من محصلة يترجمها الحاضر على صعيد المنجز الحضاري البشري لضرب هذا المنجز في اخر المطاف و العودة بمجتمعاتنا ربما الى حوالي ستة الالف سنة قبل التاريخ، فحين يصبح الفن حراما و الفكر و التعبير حراما و الابداع معصية  يصبح الانسان كائنا يصلح للتوالد و الاكل و يصبح المفكر عبد الله القصيمي الذي يرى ان المعصية/ الابداع هي ما يصنع الحضارة – يصبح مرتدا و زنديقا !! . و يصبح النموذج الافضل و المنشود و الارقى عند هؤلاء متطابقا مع افغانستان طالبان او سودان النميري، و يتجه الظلاميون ليزيلوا من التاريخ صفحات مشرقة و نقطا مضيئة عرفتها الحضارة العربية الاسلامية حينما كان الاسلام قائما بهذا المعنى فصمت طويلا صوت الحلال و الحرام و التكفير و التبديع و الافتاء بالقتل و فسح المجال للفن و المعمار و الفلسفة و الادب و الموسيقى و الطب الفيزياء و الرياضيات و الكيمياء ... بالرغم من ان كل عظماء الحضارة العربية الاسلامية كانوا عند ابن تيمية و امثاله منصرفين عن العلم الشرعي و ضلالا و فساقا و زنادقة ......


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق